د. أحمد عويدي العبادي يكتب: الكرك وما أدراك ما الكرك:
أرض المعترك والحصانة والرصانة، وخشم العقاب الذي يعلو السحاب، والطود الذي تحطمت على أقدامه الطغاة والبغاة عبر التاريخ، والتي لا يطالها الأقزام حتى لو تطاولوا عليها، ولا يتجاوزها العظام حتى ولو أهملوها. فهي عظيمة كريمة بتاريخها وأهلها يعرفها الكرماء، اما أولئك الذين ينظرون اليها بغير هذا المنظار فإنها تلقي بهم من فوق اسوارها الى الهاوية، ليكون مع قوم لوط في أعماق البحر الميت.
الكرك: هي قير مؤاب وكرك موبا وكرخا وكاركو وكركا، وقير حارسة وكلها أسماء للكرك وهي كلمات عربية مؤابية اردنية قديمة اخذتها اللغات الأخرى وتعني: القلعة أو المدينة المسورة أو المحصنة او الحارسة المحروسة. وكانت تسمى قبل تسعة الاف عام: حصن اللبن، ذكرتها التوراة، ولعبت دوراً مهماً قبل ثلاثة الاف عام في عهد محرر الأردن (الملك المحرر) ميشع (ملك المملكة الأردنية المؤابية) (الذي سنفرد له مقالا بإذن الله)، الذي أجبر ملك السامرة وملك أورشليم على فك الحصار عن الكرك عندما ضحى بولديه على أسوارها. وقد دعم هذه الحقيقة اكتشاف نقش ميشع في ذيبان: "أنا الذي بنى المكان المقدس ل كموش الإله ـ في كركا (أي الكرك) .... وأنا حفرت القناة إلى كركا وشققت الطريق الرئيسية في وادي أرنون الموجب ".
وفي العهد الأيوبي كانت الكرك عاصمة المملكة الايوبية التي كانت تحكم القاهرة ودمشق وأعمالهما بقيادة الملك الصالح أيوب، وامتدت حدودها آنذاك من مشارف الربع الخالي ومشارف الفرات الى البادية السورية بما فيها الجوف ووادي السرحان والحرة ودمشق. ( هذا المقال خاص بصحيفة السوسنة الاردنية )
ونقول هنا: ان الكرك هي أم الأردنيين، وأم الثورات، فقد تعلمنا عبر تاريخنا الوطني:
= ان الثورات تشتعل بالكرك (الجنوب) فهي أم الثورات
= وتعززها عجلون (الشمال) وهي مرضعة الثورات وحاضنتها
= وتحسمها السلط (الوسط / البلقاء) وهي القول الفصل للثورات
وعندما نتحدث عن الكرك، فإنما نتحدث عن تاريخ مملكة أردنية عربية كانت مساحتها نصف مليون كليو متر مربع قبل 1921، وان أي ثورة اردنية لا تشتعل بالكرك لا تأخذ طريقها الى النجاح. والكرك هنا تعني نصف مليون كيلو متر مربع وتشمل معان والطفيلة وشمال جزيرة العرب.
انها حقيقة يعرفها كل كركي ومحب للكرك ان في الكرك رجال وأهل يحمونها من كل مكروه، ولا بد من القول هنا: ان المجتمع الكركي لازال نقيا اصيلا ويمكن تصنيفه ضمن المجتمعات القوية جدا الذي يؤثر بالآخرين ويستوعبهم لما هو عليه من العراقة والاصالة والتجذر التاريخي.